الأربعاء، 4 يونيو 2014

و الآن من يقطع أرزاق الصحراويين؟!!!

في تغطيتها لقضايا تهريب المحروقات و متاجرة المخدرات كانت بعض وسائل إعلامنا المستقلة، و دفاعاً عن مواقفها المنحازة في تلك القضايا، كانت تستعمل عبارة "قطع أرزاق الصحراويين". و كانت تُكرر تلك العبارة كي يصبح الرأي العام الصحراوي مناهضاً لتجارة المحروقات غير القانونية و يضغط على الحكومة الصحراوية كي تتراجع عن إجراءاتها الرامية الى منع تهريب المحروقات.
تلك العبارة أصبحت بمثابة شعار يرفعه المعترضون "قميص عثمان" في وجه كل الإجراءات الإدارية المعمول بها في الدولة الصحراوية. على سبيل المثال، في تغطيتها للحادثة التي جرت في ولاية العيون حين مُنع مواطن من بناء محل تجاري بالقرب من الطريق المعبدة، قامت وسائل الإعلام هذه بتوظيف نفس "قميض عثمان" ذاك ، و إتهمت سلطات الولاية بأنها بإجراءاتها الإدارية إنما تقوم بـ "قطع أرزاق" مواطني الولاية.
و الآن حين صادق البرلمان على القانون الذي سيسمح لنا بجلب الأرزاق تقوم نفس وسائل الإعلام، في مفارقة غريبة، بشن هجمة شرسة على البرلمان فقط لأنه صادق على قانون يساعد في جلب الأرزاق لجميع الصحراويين. و إليكم هذا العنوان: "البرلمان الصحراوي يشرع نهب ثرواتنا الطبيعية"، الذي يؤكد بجلاء شراسة تلك الحملة الإعلامية.
لابد لأي دولة أن تقوم ثلاث ركائز على الأقل: القوة العسكرية، القوة الدبلوماسية و القوة الإقتصادية. كباقي بلدان العالم، في دولتنا الفتية، نعاني من ظاهرة الفساد في جميع الميادين، و من ضمنهم الميدانين العسكري و الدبلوماسي، و لكن لا أحد يتجرأ أن يُعارض فتح سفارة جديدة او إنشاء وحدة عسكرية جديدة. إذن كيف يُعقل أن تعارض صحافتنا المحترفة فكرة تمكين الدولة الصحراوية من قوة إقتصادية ذاتية؟ أي وسائل إعلام هذه التي يغضبها أن الدولة الصحراوية تمارس سيادتها على التراب الوطني؟ كيف يغضبها بناء وتعمير الأراضي المحررة؟ و بالضبط، كيف يُعقل أن تصبح محاربة الفساد شعارا نرفعه في مواجهة هدف نبيل كاستغلال خيراتنا و إعمار أرضينا المحررة؟!
غالباً ما تذكرنا وسائل الإعلام بأن أي شخص هو بريئ حتى تُثبت إدانته. و الآن "ما فات أخلگ و أحنا سميناه". حكمت وسائل إعلامنا على هيئة البترول و التعدين الصحراوية أنها ستكون عش للفساد قبل ميلادها!!!
هل عجز أعضاء البرلمان عن مكافحة الفساد يُبرر "قطع أرزاق" الكيان الصحراوي الناشئ؟. من وجهة نظري، هذا السؤال المشروع هو الذي يُفسر تغيير موقف غالبية النواب في البرلمان لتصب في مصلحة المشروع.
إذا كانت خطوة المصادقة على التعدين تفتقد الشرعية فإن المادة 46 المتكررة الذكر من الدستور تفتقد المشروعية. و من طبيعة الحال، المادة الدستورية المذكورة لا يمكنها منع الصحراويين من خيراتهم.
في النهاية، لا أشك في الدوافع و النيات الطيبة التي كانت وراء مناهضة المشروع، ولا أشك لحظة في دوافع وسائل إعلامنا المستقلة، وهي تبذل الجهد للتشهير بالفساد و محاربته، لكنها هذه المرة ذهبت بعيدا، إلى درجة أنها كادت تحرمنا من استغلال خيراتنا في وقت نحن أمس الحاجة إليها.
بقلم : حد أمين مولود سعيد.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر